21سبتمبر

ترجمة: لبنان، الحشيش والحرب

هذه ترجمة لمقاطع من كتاب مارتن بُوث “القِنَّب في التاريخ” عن تاريخ نبتة الحشيش:

كان لبنان المزوِّد الأخصب للحشيش بالمنطقة في الستينات والثمانينات، رغم الحظر الرسمي للحشيش. كان الحشيش اللبناني يُميَّز بتعبئته في أكياس بيضاء من القطن او الكَتّان، وتُختم الأكياس بعلامات تجارية بسيطة كالأسد أو النجمة والهلال أو شجرة الأرْز، وعلامة الأرْز مثّلت أفضل حشيش عند الغرب وعرفوه بالذهب اللبناني.

منذ بداية الخمسينات، كان لبنان وسوريا ينتجان معاً ٣٠٠ طن حشيش سنويا، بينما كان المستهلكون من السكان أقل من ١٪ في ١٩٧٦. كما كان شائعا في المجتمعات الاسلامية، لم يدخن الحشيش إلا الرجال، وكانوا يدخنون بالنارجيلة وفي السر.

منطقة الزراعة الرئيسة كانت وادي البقاع، حيث أقامت عشائر الدنادشة [الشيعية] مجتمعا زراعيا. حدثت محاولات في منتصف الستينات لجعل الدنادشة يزرعون محاصيل بديلة كعبّاد الشمس، ولم يتحمس المزارعون. حتى مع دعم الأسعار، فضلوا القِنَّب الذي استهلكت زراعته جهدا ومالاً أقل. استمرت الزراعة، أحيانا بين حقول نبات عبّاد الشمس الطويل الذي ستر المحصول الحقيقي عن الجميع إلا المراقب من الجو.

تجارة الحشيش محلياً و (الأهم من ذلك) للتصدير أكسبت عدة فصائل دينية وسياسية أموال كثيرة، في بلد كان مقسَّما إجتماعيا وعرقيا. عندما اندلعت الحرب الاهلية بين المسلمين والمسيحين في ١٩٧٥، كان عند الجماعات المقاتلة عتاد حربي كبير. وبعدما سيطرت الحرب وانهار الاقتصاد، صار الحشيش مصدر الدخل الحقيقي الوحيد. زراعة الحشيش صارت عمليّاً البند الوحيد في الناتج المحلي الاجمالي، وموّلت تجارة السلاح والقتال.

كان التصدير اساسيا، وجزءٌ مُعتَبرٌ منه ذهب لمصر. والكثير هُرّب للغرب، خاصة أوروبا. مزارعوا القِنَّب الشيعة (وهم من المتعصبين للاسلام) كانوا أيضا يبيعون الحشيش لإسرائيل، العدو المقاتل لرفيقهم حزب الله، الجماعة العربية المسلحة التي حاربت سعياً لدولة فلسطينية عربية.

وكشف مقال في صحفية التايمز في ١٩٩٦ خطة للموساد الإسرائيلي لشراء حشيش لبناني وتوزيعه في مصر بعد حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧. رُمِزَ للعملية بـ لاهاڤ (أي الشفرة)، وباعت حشيشاً لتجار مخدرات مصريين قرب قواعد للمجندين. كان الغرض إضعاف الجيش المصري. واستمرت عملية الشفرة طوال الحرب الإهلية اللبنانية وبعد انتهائها (في ١٩٧٩) بفترة، وبالتالي كانت اسرائيل مسئولة عن تمويل الجماعات المقاتلة قبل بدء الحرب الاهلية، وإطالة تلك الحرب، و (بشكل غير مباشر) تمويل القتال جزئيا، و (في نفس الوقت) العمل في تجارة المخدرات الدولية، مخالِفةً الإتفاقية الوحيدة للمخدرات من الأمم المتحدة. ولأن اسرائيل إختارت إهمال عدة قرارات من الامم المتحدة بالنسبة لحقوق العرب الفلسطينين، وتجاهلت اتهامها باعتداءات وحشية ضدهم، فإن إهمال الاتفاقية الوحيدة لم يكن أمرا عظيما.

في ١٩٧٠، مثّلت أفغانستان ٣٠٪ من إنتاج الحشيش العالمي، ولبنان ٢٥٪، وباكستان ٢٠٪. وبعد عشر سنوات، أظهرت الأرقام أن لبنان أعطى ٣٥٪، يتبعه باكستان (٢٥٪)، ثم المغرب (٢٠٪).

شارك التدوينة !

عن علي آل عمران

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

© Copyright 2013, All Rights Reserved